الأحد، 3 مارس 2013

برد الشتاء


فى الظلام الدامس جلست أكتب وصيتى على ضوء تليفونى المحمول الذى نبح صوته ليخبرنى أن البطارية المسكينة ضعيفة, وكلما رن كلما أسرعت فى الكتابة لعلى أكمل الوصية كلها اليوم ولا أضطر أن أجلس هكذا ثانية فأنا مشغول هذه الأيام, قالها فريد ولازالت تترد فى أذناي..ليل الشتا..دن دن..غداً بإذن المولى سأقوم بتجميع كل ماعندى من أكياس كبيرة لأرمم بها السقف حتى لا يهلكنى المطر ويوقظنى من "أحلاها نومة" فتمتلئ نفسى بالطمأنينة..فى ظلام دامس لا يهم..سأرتاح من الرقص تحت المطر عدة أيام..الكثير يحب المطر..وينتظره من الشتاء للشتاء..ويرمز له بالرومانسية..لكنى اعتبر الوقوف تحت المطر "قلة أدب", كيف يكون لدى بيت جميل يحمينى وأتركه لأجول فى الشارع وألهو؟!!.."ما علينا " لأكمل الوصية, مهلا أنا لم أكتب شيئا بعد..حسنا سأوزع أملاكى الآن..بداية كتبى سأعطيها "لعبدو" لطالما ألح علي ليشتريها بثمن منصف- فى رأيه- لهذه الكتب فالشئ المستفاد منها هو " الورق وفقط".. ثانيا الدفاية , لا أعرف لمن أعطيها فهى غالية على قلبى  أدفئتنى أيام طويلة وأريد ألا " تتمرمت" بعدى وكانت تعمل أحيانا "كسبرتاية" تقوم بعمل ألذ قهوة عرفتها, أفكر أن أعطيها "للشيخ أبو سليمان" تساعده فى عمل بخوره المعينة على الحياة, التى تعطى سببا للشحاذين والفقراء يتقبلون أحوالهم, أو من الممكن أن تقوم بفك العمل و" البلد دى تقب على وش الدنيا"..حقا سيقوم بخدمة عظيمة :D
وهذه قد انتهينا منها..ثالثا..ماذا سنعطى لمن؟..تذكرت..قلمى هذا الذى أكتب به..لمن أعطيه؟!!..أفكر فى شخص ما, ولا أعلم إن كان حيا أم ميتا, سأعطيه لمعلمى الأستاذ "راضى", وسأكتب إلى أستاذى الشريف راضى:
     السلام عليكم, بعد التحية أعطيك قلمى هذا وأوصيك خير بكل تلاميذك, وأدعو فيك الرحمة, لا تعلم أحدا فقير, لا تعلم أحدا" مالوش دهر" فى تلك البلد, إن رأيت بريق العلم فى عين طفل, أو صبى أمسحه وجهه فى المكان السليم, علمه أن العلم ليس سلاحا, بل هو عيب مدام لن يساعده أحد بعدك, طالما سينشأ فى بلد تطرد كل فكرة خارج الإطار, خارج سياق الأغنياء وأصحاب المناصب, أى فكرة تحلم بعيش حرية عدالة اجتماعية, علمه أن مايبحث عنه ليس هنا, ليس فى هذا البلد الممزق, علمه أن العلم إن لم يجد من يقدره سيموت..علمه أن حلمه سيموت, وأفكاره ستبور, فى بلد كل شئ يبور إلا الشعارات و" الضحك على الدقون"..فى النهايه أوصيك أن تحفر لقلمى قبرا بجانبى, فكما أحيا فيا حب الحياة, قتلنى حسرة عليه..
                                                                                                     مع تحياتى
                                                                                                                د\ عماد

ياه كم تخلصت من هذا الحمل, فهذا القلم اللعين أجبرنى على كتابة رسالتى, وأكمل الدكتوراه, كنت فخورا فى البداية,"الدكتور راح الدكتور جه" لكن العلم هنا "مبيأكلش عيش" وها أنا أعيش فى الخلاء, أتبع أساليب القدامى فى البقاء, بعدما كان لدى حجرة فوق سطوح العمارة أسكن فيها وأتهنى, لا أعلم لماذا أطعت قلبى عندنا خرجت فى الثورة, معتصما فى التحرير, لأعود فأجد صاحب العمارة قد أزال الحجرة وبنى ستة أدوار فوقها, خاننى قلمى وقتها وأصر على أن يكتب شكوى لكن يكتب لمن والبلد "مالهاش حاكم" فتعصب الرجل وطردنى, لأعود للخلاء, لكنى لم أعد بمفردى , فالعمارة سقطت على رؤوس ساكنيها..آه رأسى..يبدو أن المطر عاد ولا نوما الآن, سأذهب لأتفقد السطح..وأتمنى عندما أعود أن أكمل هذه الوصية وألا ينفذ الشحن..فالكهرباء منقطعة منذ 3 أيام....

/

هدير محمد

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by NewWpThemes | Blogger Theme by Lasantha - Premium Blogger Themes | New Blogger Themes تعريب قوالب بلوجر