السبت، 2 مارس 2013

البُكاء من فرط اللذة



أقفمثلى مثل العشرات حول عربية الكبدة- ماسكاً بساندوتش فى سعادة، أكاد أبكى من فرط اللذة، بعدما نُلت نصيبى من الكبدة – وسط نظرات الحسد والغيرة - بعد الوقوف أكثر من ثلاث ساعات وسط هذا الجمع الغفير من مريدى وعشاق عم عبدة.
بدأتْ المأساة بحكاوى صديقى مدمن الكبدة الشهير عن عربية الكبدة التى تمارس عملها الغير برئ فى وسط البلد، استقبلت كلامه بمزيج من السخرية والدهشة، صحيح أنا من عشاق الكبدة، لكن هذا الصديق اللعين يبالغ فى وصف روعة كبدة عم عبدة بطريقة مستفزة، لدرجة جعلتنى أشك أن عم عبده يطعم الناس من كبدته هو شخصياً، وحينما مررنا – أنا وصديقى اللعين- بالقرب من عربية كبدة عم عبدة صادف أنفى رائحة كبدة جعلته يصدر إلى مخى الجائع إشارات تسمى فى البيولوجى (إشارات الكبدة) مما جعلنى أطلب على استحياء من صديقى اللعين أن نلِج إلى ذلك الشارع الجانبى التى تختبئ فيه عربية الكبدة.
وبدخول الشارع لم أرى عربية الكبدة المزعومة، لكننى وجدت عشرات أو مئات من الأشخاص الذين تبدو عليهم أعراض الإدمان الواضحة، الجميع يمسك بذراعة مرتعشاً، عينيه حمراء من فرط الإحتياج للجرعة، يمدون أيديهم بجنيهات معدنية، متوسلين فى ألم، ولم أفهم الموقف إلا حينما اقتربت من الجمع الغفير وأدركت أن بين هؤلاء البشر تقف عربية الكبدة فى شموخ يتزعمها عم عبده الذى وقف أمام حلّة خالية من الكبدة إلا قليلاً؛ وقف يعبئ الساندوتشات من حلة خالية.. آلاف الساندوتشات تُعبئ وتختفى بين أصابع زغلول – صبى عم عبدة – هكذا كانوا ينادونه - الذى وقف يضع الساندوتشات فى أطباق بلاستيكية مصحوبة بمخيللات – تصغير مخلل- من اللفت والجزر والفلفل.
وبين آونة وأخرى يخرج من وسط تلك الكتلة البشرية شخص ظافر بطبق به ساندوتشان من الكبدة المتوجه بالمخلل، وسط أنظار الحقد والغيرة التى تلاحقه، يبتعد أمتار- بفعل القصور الذاتى- عن الكتلة البشرية المحيطة بالعربية وكأنما يخشى على غنيمته من السلب.
أصدرتُ صوتاً من الصعب كتابته، وقلت لصديقى اللعين بصوتٍ عالٍ: ما انشالله ما عنى أكلت كبدة ولا شوفتها، بقى أنا عشان آكل اتنين كبدة أقف كـ... وضع صديقى اللعين يده على فمى ومنعنى من إتمام كلامى قائلاً فى رعب: هششش .. اسكت الله يخرب بيتك بدل ما نتضرب، ناظراً فى خوف الى الكتلة البشرية التى تطايرت منها نظرات متفرقة إلينا على أثر سخطى المُعلن.
كالواقفين يوم الحشر وقفنا – أنا وصديقى اللعين – ننتظر دورنا فى الكبدة، وعيون عم عبدة تنظر إلى الزبائن فى قرف فيبتسم الزبائن فى نفاق مع إنحناءة رأس تعلن مبايعته زعيماً للكبدة لفترة رئاسية جديدة، ولما طالت وقفتنا إلى أن أوشك الربع الأول من الليل على الانتهاء دون أن تظهر الكبدة فى الأفق صرخت فى حرقة وقد ثارت كرامتى: على جثتى.. مش هاكل كبدة يعنى مش هاكل كبدة.. أنا ماشى من هنا.
أقفمثلى مثل العشرات حول عربية الكبدة- ماسكاً بساندوتش فى سعادة، أكاد أبكى من فرط اللذة، بعدما نُلت نصيبى من الكبدة – وسط نظرات الحسد والغيرة - بعد الوقوف أكثر من ثلاث ساعات وسط هذا الجمع الغفير من مريدى وعشاق عم عبدة.
أحمد الصباغ
Sabbaghmail@yahoo.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by NewWpThemes | Blogger Theme by Lasantha - Premium Blogger Themes | New Blogger Themes تعريب قوالب بلوجر