الاثنين، 25 فبراير 2013

على أبواب القصر


يحكون لنا منذ طفولتنا البسيطة عن دعوة المظلوم التي ليس بينها و بين الله حجاب ، كأنك تخاطب رئيس بلدك بخط ساخن دون أن تمر على مكتب الرئيس ، كأنك تدعوه للسمر و تزوره في أوقات الراحة و قد يحكي لك ما يدور بخلده و يستمع إلى تساؤلاتك العديدة و التي لا تملك لها إجابة ، تقول الحكاية أنه كان في الزمن الماضي ملك ينظر من شرفته المطلة على أسوار القصر فرأى لوحة جميلة من الألوان المبهجة فأخضر الشجر و زرقة النهر و صفاء السماء و بريق الشمس اللامعة ، لا يوجد شئ على الأفق سوى بيت صغير من الطوب اللبن و القش الجاف فعكر صفو لوحته التي أمتعت ناظريه ، فأمر بأن يهدم المنزل فهدمه رجاله ، فلما عادت العجوز إلى منزلها وجدته أطلال مهدمة ، فرفعت يدها إلى السماء و عاتبت ربها في دعائها متسائلة أين كنت يا ربي و أنا غائبة ، فأمر الرب ملكه بأن يهدم القصر و قد كان ، كانت تلك القصة الغريبة على قلبي و عقلي هي الفكرة التي تنازعني و أنا أجلس أمام شاشة الكمبيوتر المحمول و أقرأ آخر الأخبار عن دعوة المظلوم في بلادي ، كيف أن الشعب المظلوم صار ينتهج دربين متناقضين فهو في نظر نفسه مظلوم و في رأي عدوه ظالم ، أحسست بتجمد أطرافي الذي طالما عذبني في برد الشتاء فأغلقت تلك الآلة التي لا تحمل لي سوى السبب الرئيسي في إستمراري في الحياة و ألقيتها على الأرض فجسدي لا يسعفني للوصول إلى المكتب ، ثم رفعت الأغطية و دخلت في غيمتها السوداء لأتيح لأنفاسي الدافئة أن تصنع بعض من الإحتباس الحراري قد يجعل جسدي يهدأ في سكون الدفء ليتسلم عباءة النوم و أهرب من تلك الفكرة التي تنازعني ، رغم محاولتي التفكير في أطرافي الباردة و ما أعانيه معها كل شتاء محاولاً أن يتوقف عقلي عن التفكير و لو لساعة فأركن إلى النوم ، تلك الرغبة التي لم أنعم بها منذ سنتين ، فكيف لي أن أنعم بالهدوء و مشاهد الدماء لا تفارق عينيّ طيلة فترة اليقظة ، أبحث في كل صباح عن بصيص من الأمل لإنقضاء كلمة العدل في نجاح الثورة و لكن لا فائدة . لا مفر ، عدت مرة أخرى للتفكير ، كلما سددت ثغرة فتح عقلي أبواب و كلما أغلقت الأبواب وجدتني في صحراء واسعة لا حدود لها على مرمى البصر ، أتذكر ذلك الفيديو الذي يحاول فيه بعض العشرات إقتحام بوابة قصر الرئاسة ، و الأكثر إيلاماً أن أجد أحد الأصدقاء يعلق عليه بمقولة الإخوان الشهيرة " إذا أنت أكرمت اللئيم تمرد " و أين الكرم ؟! أهو أن تقتلنا جسداً و روحاً في كل يوم ؟! أجد إخوتي و أخواتي من الثوار ينزلون بلا كلل و لا يفقدون الأمل في النصر ، باتت الثورة ملاذهم للحق و العدل و الجمال ،  الآن أمامنا حاكم و رعية يدعون الثائرين بالظالمين ، يدعونهم بمثيري الفتنة و الراغبين في الإقتتال ، و لا يرون القهر المحيط بنا و لا يرون إلى أين تسير بلادنا بقفزات تعدو السنوات في أسابيع قليلة ، بلادنا تقفز نحو الإفلاس و الفقر و نهبها مستمر بلا توقف ، فأحد الأخبار المؤسفة أن تسمع أن مصر قد صدرت في يوم واحد أكثر من نصف طن من الذهب ليتم تنقيته في كندا و بيعه في البورصات العالمية و النهب يتضح في أن هذا الذهب لا يعد من مصادر الدخل في مصر و لا يخضع للموازنة بأي شكل ، ثم يلقون علينا عباءة الإتهام و يفرضون علينا عقوبة الإعدام و يحولون أوراقنا لفضيلة المفتي ليصبغ على موتنا صبغة دينية فيذعن للقرار من لا يعلم عن سبب موتنا شئ أن موتنا حق، فتجد أن شركائنا في الوطن يدعون علينا بالأبدية في نار الجحيم ، و يتمنون لنا أن نُلقي في غياهب المعتقلات ، ويتم محاكمتنا بالإفساد في الأرض ، حيرتني الأيام بسخريتها المعهودة . و على أبواب القصر ، إن هدموا ضلوع جسدي و قطعوا ملابسي و اتهموني باللواط و البلطجة و كُتِب عليّ الموت ، و دعا لي أهلي بالجنة و دعوا على الحاكم بالجحيم ، فمن سيصدق ؟! أستصدق دعوات الظالم المظلوم أم المظلوم الظالم ؟!

على أبواب القصر جحيم الجنة المزعومة في أوراق فضيلة المفتي !

/

أنس القلا


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by NewWpThemes | Blogger Theme by Lasantha - Premium Blogger Themes | New Blogger Themes تعريب قوالب بلوجر